خطبة رقم2 ذم الغضب
الحمد لله ذى الرضى المرغوب . يعفو ويصفح ويغفر الذنوب
يملى ويمهل لعل العاصى يتوب . يعطى ويرضى ويحقق المطلوب.
يطعم ويسقى ويستر العيوب . يغنى ويشفى ويكشف الكروب
وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الجناب المرهوب
خلق السموات والأرض فى ستة أيام وما مسه من لغوب وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ذو المقام الموهوب
لا يأكل الصدقات ، ولا يرتكب الهفوات ، وخاتم النبوة بين كتفيه مضروب اللهم ُصلي وسلم على رسولهِ محمدٍ أشرفِ من نَطَقَ من الخلقِ وقال ، وعلى صَاحِبِهِ أبي بكرِ باذلِ النفسِ والمال ، وعلى عُمَر العادلِ فما جار ولا مال ، وعلى عثمانَ الثابتِ ثبوت الجبال ، وعلى عليٍ بحرِ العلومِ ثم أما بعد ايها الاحبة فى الله اتقوا الله تعالى حق التقوى. عباد الله، تعالوا نحلق حول مائة الحبيب المصطفى ونعيش مع وصاياه الغاليه كما جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: أوصني، قال: ((لا تغضب)) فردد مرارًا، قال: ((لا تغضب) ( أيها المسلم، إن نبينا تختلف وصاياه للناس، فيوصي كلاً من الناس بما يناسبه، وبما يحل مشكلته، وبما يُنهي ما في نفسه، فهذا الرجل أتى النبي فأوجز في السؤال: أوصني، فأجابه النبي بجواب موجز أيضًا: ((لا تغضب))، والرجل كأنه يريد وصايا كلية كاملة، ولهذا ردد الطلب مرتين أو ثلاث، والنبي يجيبه: ((لا تغضب)). الغضب خلق من الأخلاق، والله جل وعلا فاوت بين العباد في أرزاقهم وأخلاقهم، ((إن الله قسم بينكم أرزاقكم كما قسم بينكم أخلاقكم)) هكذا يقول النبي (2). فالناس في أخلاقهم متفاوتون، منهم من هو ذو حلم وأناة وصبر وتحمل، ومنهم من هو ضد ذلك سريع الغضب يتأثر بأي مؤثر، والنبي حينما أجاب السائل: ((لا تغضب)) يدل على أمرين: أولاً: الأخذ بالأسباب التي تحول بين العبد وبين الغضب بتوفيق من الله، وأن يتخلق بالحلم والصبر وتحمل أذى الخلق القولية والفعلية. وثانيًا: أن لا ينقاد لأثر الغضب، فإن الغضب قد لا تستطيع أن ترده عن نفسك، لكنك مأمور ألا تأخذ بآثار الغضب، ولا تسير مع الغضب، بل يجب أن تقف عند حدك، وأن تمنع نفسك عن التمادي في آثار الغضب ونتائجه. إن الغضب شعبة من شعب الجنون، إنه يغير الإنسان، ولذا النبي يقول: ((ألا تنظرون إلى احمرار عينيه وانتفاخ أوداجه0فإن الغضب يحول بين العبد وبين التصرف في الأمور، فربما يحمله الغضب إلى أن يفعل أفعالاً يندم عليها إذا فاء من غضبه أقوالا وأفعالا، فمن عباد الله من لا يتماسك عندما يغضب، يقول ما يتمنى أنه ما قاله، ويفعل أمرًا يندم على فعله بعد ذلك. ولكن الغضب حكم عليه، وساده الغضب، فحرف عقله عن رأيه وإدراكه، فقال وفعل من الأقوال والأفعال التي عندما يفيق من غضبه يندم عليها ويتمنى أنه ما قال وأنه ما فعل. ولكن النبي أرشد المسلم إلى معالجة هذا الغضب، فأخبر أن القوي من الرجال هو الذي يملك نفسه عند الغضب فمن يقوى على ملك نفسه عند غضبه دل على قوته وشجاعته، فيقول : ((ليس القوي بشديد الصرعة، إنما القوي الذي يملك نفسه عند الغضب))(4)[4]، فكونك توصف بالقوة ومصارعة الرجال وقهرهم هذا شيء، ولكن كونك تتحكم في نفسك وقت الغضب واشتداده يدل على القوة المطلوبة، على القوة الممدوحة، أنك تحكمت في نفسك حال غضبك فلم تنسق أمام الغضب، بل كان عندك من الرأي والتدبر في عواقب الأمور ما اقتضى أن تمنع نفسك وتحميها عن الانطلاق في الغضب وأسبابه. أيها المسلمون، والنبي أمر المسلم إذا غضب أن يتعوذ بالله من الشيطان؛ فإن الغضب من النار، والشيطان خلق من النار، ولا يطفئ النار إلا الماء. غضب رجل عند النبي فقال: ((إني أعلم كلمة لو قالها لزال عنه غضبه، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقيل للرجل فقال: لست بمجنون) ، هكذا رد السنة. المهم أن التعوذ بالله من الشيطان حال الغضب يسبب خفة الغضب، وربما أزال الغضب بتوفيق الله. فيا أيها المسلم، الغضب لا يسلم منه أحد، ولكن عند الغضب تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تذكر هذا العدو الذي يسعى في إضلالك، والذي لا يفرح بك مثلما يفرح بك حال غضبك، ليوقعك في الهاوية، فربما زين لك القتل والضرب وإتلاف الأموال، وربما عدتَّ على نفسك تضربها أو تزهقها والعياذ بالله؛ فإن من الناس من إذا غضب حتى نفسه لا يستطيع الدفاع عنها، بل تراه يمزق ملابسه، وتراه يضرب نفسه، وتراه يضرب ولده، وتراه يتلف ما أمامه، وتراه يطلق امرأته، وتراه، وتراه، كل ذلك من خصال الغضب ونتائجه، وإذا تعوذت بالله من الشيطان فإن ذلك بتوفيق من الله يمنع عنك آثار الغضب. وعليك ـ أخي ـ أن تعالج ذلك أيضًا، فإن كنت غضبانًا تقعد ، فلعل قعودك يطفئ غضبك، وإن كنت قاعدًا فاتكئ أو اضطجع فلعل ذلك يذهب عنك غضبك، وأمرتَ بالوضوء فإن الوضوء أيضًا يطفئ نار الغضب، ويخفف آثارها، والله جل وعلا مدح عباده المؤمنين الذين إذا غضبوا لم ينفِّذوا، فقال: وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ ، هكذا المسلم عندما يصاب بالغضب فإنه لا يعمل بآثاره، قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. أيها المسلم، الغضب المذموم يحمل عليه أمور، إما إعجاب الإنسان بنفسه، فمن عباد الله من هو معجب بنفسه، ينظر إلى نفسه نظر الكمال، وأنه الشخص الذي ليس في الدنيا أحد يماثله اعتدالا وقوة، فهو ينظر إلى الناس نظرة الاحتقار، فلهذا يغضب على من هو دونه غضبًا أملاه عليه إعجابه بنفسه، وربما حمل على الغضب أيضًا مع الإعجاب بالنفس التكبر على الخلق، واحتقار الخلق، واعتقاد أنهم أقل منه مرتبة ومنزلة، أعجبه ماله، أعجبته نفسه، أعجبه حسبه، أعجبه جاهه، أعجبه منصبه، فلذلك لا يخاطب من دونه إلا بخطاب فيه قسوة وجفاء وغلظة وغضب شديد؛ لأنه يرى أن أولئك ليسوا في صفه ولا أمثاله. وكل هذا من تزيين الشيطان ووسوسته للعبد، ليضله عن صراط الله المستقيم. محمد سيد ولد آدم، سيد الأولين والآخرين، ما غضب لمصلحة نفسه، وإنما يغضب عند انتهاك حرمات الله فلا يقوم لغضبه قائم، تحمَّل كل الأذى فصبر ، فكان أحلم الخلق وأحسنهم أخلاقًا، والله يقول له: فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأمْرِ. هكذا أدب الله نبيه بهذه الأدب الرفيع، فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ. أيها المسلم، غضب المسلم يكون لله، وفي سبيل الله، يغضب المسلم عند انتهاك محارم الله، غضب المسلم إذا رأى في أهله قلة طاعة وضعف عمل صالحٍ غضبٌ لله وفي سبيل الله، غضب لا يحمله على الطغيان والأشر، وإنما غضبٌ يقصد به إعلاء كلمة الله، وحثَّ المخالف على الطريق المستقيم، هكذا غضب المسلم، غضبٌ لا يحمله على القول السيئ، ولا على الفعل القبيح، ولكن غضب يدعوه إليه ما يرى من مخالفة شرع الله، وما يرى ممن يشاهده أنه خالف شرع الله وارتكب حرمات الله، فهو يغضب لله وفي سبيل الله. وربنا جل وعلا أخبرنا عن غضبه عن الكافرين والمنافقين، وَيُعَذّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْء عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْء وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ، فالله يغضب على من خالف أمره، فَلَمَّا ءاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ. وربنا جل وعلا رحمته سبقت غضبه، من صفاته الحلم فهو الغفور الحليم، ولكنه مع هذا يغضب على من خالف أمره، إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ، اعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، فمع كمال رحمته وفضله هو شديد العقاب لمن خالف أمره وارتكب نهيه. أيها المسلم، تذكر حال غضبك من تريد أن تبطش به، فتذكر قدرة الله عليك، فهي أعظم من قدرتك على من تريد أن تبطش به، وتذكر حلم الله عليك وأنت تغضِبه بارتكاب نواهيه، وترك أوامره، إذًا فعد إلى نفسك فعظها وانصحها عن هذا الغضب، وتذكر حلم الله عليك وإمهاله لك مع ما ارتكبته من المخالفات، فعامل الخلق بالحلم، كما تحب أن يعاملك الله به. أيها المسلم، إن الغضب أحيانًا يدعو بعض الناس إلى أن يدعو على أولاده، يدعو عليهم بالهلاك والضرر، يدعو عليهم بالموت، يدعو عليهم بالشر، ثم إذا أفاق علم أن ما قال خطأ؛ ولهذا النبي يقول: ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم وأموالكم، فتوافقوا من الله ساعة إجابة) أيها المسلم، كن متخلقًا بالحلم، وإذا أصابك الغضب فاخرج من بيتك إن كنت بين عائلتك، إياك أن تخاصم زوجتك أثناء غضبك وطيشانك، فربما زلّ لسانك بكلمات لا تعذر منها ولا تقال بها عثراتك، فحاول أن تصدَّ وتنصرف عن هذا الموقف عسى أن ينتهي غضبك وتعود إلى رشدك. أيها المسلم، لا بد ممن يعامل الناس ويخالطهم، لا بد أن يسمع منهم ما لا يسره، فمن كان سريع الانفعال فإنه يغضب على أي قليل أو كثير، ومن كان ذا حلم وأناءة فإنه يتأنى في الأمور، ويحاول أن يتناسى بعض الأمور، وينصرف عنها، ولا يعطي نفسه هواها فينقاد مع الشيطان في كل ما يأمره به. فاتق الله في نفسك، في تعاملك مع أولادك، وتعاملك مع زوجتك، وتعاملك مع أبويك، وتعاملك مع الجيران، وتعاملك مع من تعامله في البيع والشراء، الزم الحلم ما استطعت لذلك سبيلاً، وعندما يحضر الغضب حاول البعد عنه، وحاول عدم الدخول في النزاع والمشاكل، إلى أن يزول غضبك، فإنك إن دخلت مع الناس في المشاكل وأنت في غضبك فربما يؤخذ عليك ما لا تستطيع أن تتداركه، وتُقوَّم عقليتك وتصورك من خلال هذا الغضب الذي أفقدك شعورك، وجعلك تقول وتفعل أمورًا تندم عليها، فاتق الله فيها. الأولاد قد يضجرونك ويقلقون راحتك ويتعبونك بالمطالب، وترى منهم شيئًا من الجفاء، فإياك أن تستعمل الغضب معهم فلا تستزيد شيئًا. استعمل الحلم، استعمل الرفق، استعمل الأناءة؛ لأن العبد لا يمكن أن يتحقق له كل ما يريد، لا يمكن أن يتحقق لك كل ما تريد في هذه الدنيا، فمن يعامل الناس ويخالط الناس فلا بد من صبر، ولا بد من حلم وترويض للنفس، وعندما يأتي الغضب فلا تنقد له، ودافعه بقدر الإمكان، فعسى أن توفق لعمل صالح. أسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يرضيه، إنه على كل شيء قدير. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم لما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ------------------------- الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى. عباد الله، جاء في الدعاء النبوي: ((اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى) فقوله : ((اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا))، هكذا يكون المسلم، يقول الحق في رضاه وغضبه، لا يحمله الغضب أن يقول باطلاً، ولا يحمله الرضا أن يقول باطلاً، بل كلمة الحق ينطق بها في رضاه وغضبه، ينطق بكلمة الحق سواء كان غضبان أو كان راضيًا، الحق لا يحيد عنه، لا في رضاه ولا في غضبه، فمن عباد الله من إن رضي عنك قال فيك ومدحك بما ليس فيك تزلفًا ومجاملة، وإن غضب عليك قال فيك ما أنت بريء منه وعابك وسبك وذمك، وإن كان باطلاً، لكن غضبه حمله أن يقول ما استكن في نفسه مما كان يحب أن يخيفه، لكن الغضب أطلق من لسانه كل ما حواه قلبه من السب والخبث، والمسلم خلاف ذلك، المسلم إن رضي عنك أو غضب عليك هو لا يجاوز الحق، يقول كلمة الحق راضيًا عنك أم غاضبًا عليك، لا يحمله الرضا إلى أن يجحد الحق، ولا يحمله الغضب إلى أن يقول الباطل، بل هو متزن في كلامه وفي حكمه، في غضبه ورضاه. إذًا أيها المسلم، فحاول قدر جهدك أن لا يستثيرك الغضب، أحيانًا قد تسير في الشارع، فيخطئ عليك غيرك، فيصيب سيارتك شيء من الأمر، فيؤدي ذلك إلى غضبك واشتداد غضبك، ومحاولة مخاصمة من جنى عليك، ورُبَّ جناية تحصل أعظم مما حصل على سيارتك من ذلك الأمر. إن من تدبر الأمور حقًا، وتعقلها حق التعقل ببصر نافذ، فإنه بتوفيق من الله يتقي الغضب وأسبابه، وإذا ابتُلى به حاول التخلص منه بقدر الإمكان، إن بعض الناس قد يستخفك ويقول: أنت الضعيف، وأنت الجبان، وأنت الذي لا تدفع عن نفسك، وأنت الذي يُخطأ عليك، وأنت الذي يُجنى عليك، وأنت المغفل وإلى آخره، هؤلاء يستفزون بعض الناس ليوقعوهم في المشاكل، ولو فكروا وتدبروا أن ما قيل أو فعل لا يستحق كل هذه المواقف السيئة، فعلى المسلم أن يأمر بالخير، ويحث عليه، ولا يكن عونًا للمسلم على الشر والفساد، وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كُهولا كانوا أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هِي يا ابن الخطاب ـ كلمة أعراب: هيه يا ابن الخطاب ـ فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم خذ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ ، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله. هكذا المسلم ينصح أخاه إذا رآه غضبان يقول: يا أخي اتق الله، تدبر عواقب الأمور، ما غضبت لأجله أمر هين، انظر إليه نظرة فاحصة، لتراه أمرًا هينًا لا يستحق هذا الانفعال وهذا الغضب. أسأل الله أن يعيننا على أنفسنا، وأن يعيذنا من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا. واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد
ادعوا الله ان ينفعنا بما عملنا وان يهدينا إلى ما فيه رضاه