سؤال قد يسأله الجميع لنفسه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال جاء على لسان فتاة ولكن الاجابة تشمل كلا النوعين فارجو الإستفادة وتجديد النية قبل دخول رمضان ...............

أرجو من الله أن أجد حلا ونهاية لمشكلتي، وهي أنني بسبب ذنوبي كبائرها وصغائرها فقدت كل شيء جيد، كالإيمان والقيم والمعتقدات الدينية، وحياة القلب، وأصبح قلبي لا يوجد فيه أي شيء طيب، بل تجتمع فيه كل أمراض القلوب، ولا أشعر بحب أي شيء في الدنيا، ولو وجدت لحظة إيمانية سرعان ما تزول، وأصبحت يئوسة قنوطة متشائمة، وكثيرا ما حاولت العودة لله لكن أشعر بإحساس كأن الله عز وجل لا يريد أن يهديني، وأصبحت للأسف عندي سوء ظن بالله، وفقدت أيضا دراستي وخوفي من العذاب.

فكيف العودة، فأنا تبت مرات كثيرة وكنت أحاول أن أثبت ولكن المشكلة أني أشعر أن الله لا يريد أن يدخلني رحمته.

أرجو من الله أن تجدوا الحل وتدعوا لي.

وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ - حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن من يتأمل في هذه الكلمات يجد أنها كلمات فتاة يعتصر الألم قلبها، ويجد أنها كلمات فتاة قد ركبها همٌّ ثقيل وحزنٌ عظيم لما تجده في نفسها من التقصير في جنب الله عز وجل، ولما تشعر به من ثقل هذه الذنوب وثقل هذه الخطايا، فأنت فتاة تشعرين بأنك بعيدة عن الله تعالى، بل وتشعرين وكأنك مكبَّلة بهذه الذنوب ولن تخرجي منها، حتى زاد بك الأمر وعظم بك الخطب حتى قلت: (إني أشعر أن الله لا يريد أن يدخلني في رحمته).

فيا عجبًا يا أختي الكريمة.. نعم إنه العجب أن يصل بك الأمر أن تشعري بأن أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين يريد أن يطردك من رحمته وأنت تريدين أن تدخلي في هذه الرحمة.. كيف تظنين بالله هذا الظن والله جل وعلا يقول: {ورحمتي وسعت كل شيء}؟!.. كيف تظنين بالله هذا الظن والله جل وعلا يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}؟!.

فهذه الآية هي خير جواب لسؤالك، إنه لنداء لك ونداء لكل مذنب بأن يعود إلى الله، وبأن يرجع إلى الله ولو أسرف على نفسه في الخطايا ولو كان كثير الذنوب ولو كانت ذنوبه عظيمة قد بلغت عنان السماء وبلغت قراب الأرض.. إن عليك أن تدركي أن الله جل وعلا برحمته التي وسعت كل شيء لا يرد عبدًا رجاه صادقًا، ولا يرد مؤمنة مثلك قد أنابت إليه ورجعت إليه تطلب رحمته وتستغفره وتسأله العفو والغفران: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله} أي لا تيأسوا من رحمتي فإنني غفّارٌ أغفر الذنوب لمن تاب { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ولذلك قال بعدها: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}. فهذا هو شفاؤك وهذا هو دواؤك.. أن تنيبي إلى الله وأن ترجعي إليه رجعة الفتاة المؤمنة الصادقة.

نعم قد يقع للإنسان أن يتوب ثم بعد ذلك يصيبه ما يصيب النفس من الضعف ومن نزغ الشيطان فربما وقع في نفس الذنب وربما عاد إلى ذنب أعظم، ولكن لابد أيضًا من أن يعود إلى التوبة من جديد، ولو أخطأ وكان خطؤه فادحًا، فالتوبة هي الحل، والتوبة هي الدواء، والإنابة هي الشفاء، فليس أمامك إلا هذا الأمر، فعالجي ما لديك من الأخطاء بإصلاحها بالتوبة، واجعلي حالك أحد حالين: فإما أن تكوني دائمة الطاعة لله عز وجل، وهذا قلَّ من الناس مَن يكون حافظًا على هذا الخلق، وإما أن تكوني كسائر الناس تقعين في الخطأ، ولكن لا بد أن تعالجيه بالتوبة، فأي الحالين كنت عليه فقد أحسنت، إما طاعة مستمرة – وهذا كما أشرنا نادر بالنسبة للإنسان الذي جبل على الخطأ إلا من عصمه الله من ذلك – وإما أن تكوني ممن يقع في الذنوب ثم بعد ذلك يبادر إلى التوبة والإنابة الصادقة والندم على ما فرط منه، وهذا هو حال المؤمنة من أمثالك التي لابد أن تحرص عليه، وهذا هو خلق الفتاة الصالحة من أمثالك إن شاء الله تعالى.

وقد قال صلى الله عليه وسلم مبيِّنًا هذه الحقيقة ومبيِّنًا هذا المعنى أتم البيان وأوضحه بكلمات وجيزات قليلات في المبنى عظيمات في المعنى: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) أخرجه الترمذي في سننه. فكوني من هؤلاء الخيرين الذين إن أخطأوا بادروا إلى التوبة بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم: (وخير الخطائين التوابون)، فكوني توَّابة، ولفظ توَّاب يدل على كثرة التوبة، فكوني كثيرة التوبة، كثيرة الرجوع إلى الله عز وجل.

ومع هذا أيضًا فلابد من الاحتراز من المعاصي، ولابد أن تبذلي جهدك في البعد عن الأسباب التي تعين على المعصية قبل أن تبتعدي عن المعصية، فهما موقفان اثنان: فالموقف الأول: هو البعد عن المعصية والحذر منها. والموقف الثاني: هو البعد عن أسباب هذه المعصية؛ بحيث تكونين حذرة من سبب المعاصي كحذرك من المعاصي نفسها، وهذا هو سبيل أولي البصائر وأولي الهمم العالية من عباد الله الصالحين.. فاحرصي على هذه المعاني وتدبريها فإن فيها صلاحك بإذن الله عز وجل.

وأيضًا فلابد لك أن تعلمي بأنك إن تبت ثم بعد ذلك وقعت في ذنب من الذنوب حتى ولو كان هذا الذنب هو عين الذنب الذي وقعت فيه سابقًا فإن توبتك الأولى هي توبة صالحة مقبولة - إن شاء الله - ولا يضرك أنك قد رجعت إلى هذا الذنب طالما أنك كنت في توبتك الأولى عازمة على المضي فيها وعازمة على عدم الرجوع إلى هذا الذنب ولكنك ضعفت فرجعت إليه؛ ففي هذه الحالة توبتك الأولى مقبولة صحيحة - إن شاء الله - ولكن يلزمك أن تبادري إلى تجديد التوبة، هكذا فكوني دائمة التوبة، دائمة التجديد لها، فإن الله جل وعلا عد تأخير التوبة من الذنوب العظام حتى قال جل وعلا: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وهاهنا وصايا أمور صالحة فاحرصي عليها:

1- احرصي على الصحبة الصالحة من الأخوات الصالحات المتحجبات صاحبات الخلق الحسن، فهؤلاء الفتيات هُنَّ اللاتي سوف يعنَّك على طاعة الله، ويُعنَّك على الثبات على دين الله، فاجعلي لك هذه الرفقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود في السنن.

2- لابد لك من الحذر الكامل من صحبة السوء ومن رفيقات السوء، فالفتاة التي تجدينها لا تعينك على طاعة الله وتدلك على معصية الله؛ فاحذريها وابتعدي عنها، وخذي منها أهبتك، فإن صاحب السوء كالوباء الذي يفتك بالإنسان، فكوني حذرة من صحبة السوء، وأنت كذلك بإذن الله عز وجل.

3- لا بد من أن تجددي الأمل بالله وأن يكون لك يقين بسعة رحمة الله تعالى، فتذكري دومًا أن رحمة الله تعالى واسعة، وأن فضله عظيم، وبالمقابل عليك أن تستحضري أن عذابه شديد وأن عقابه أليم، فكوني جامعة بين الخوف والرجاء معًا، وعيشي بين هذين الأمرين وكوني كالطائر يطير بين جناحين وأنت تسيرين بين جناحي الخوف والرجاء، فهذا هو خلق المؤمن، وهذا هو خلق عباد الله الصالحين من الأنبياء والصِّدِّيقين؛ كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.

4- نوصيك بدوام مراسلة المواقع الإسلامية الصالحة التي تعينك على طاعة الله، والشبكة الإسلامية ترحب بأي رسالة منك إليها لتقدم إليك الإعانة ولتجدي منها الجواب العاجل بإذن الله تعالى.

ونسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك في الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.

جزاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااكى الله الف خير

بجد مووووووووووووووضوع رائع وتستاهلى عليه كل

الشكر والتقدير واللهم يتقبل منا ومنك رمضان وصالح الاعمال

جزاكى الله الف خير

تسلمي ياحبيبتي بارك الله فيكي

موضوع رائع جزاكي الله الف خير

لكي حبي واحترامي

شكرا اخى المصرى وشكرا اختى الغاليه على المرور الطيب

» اهداء الى الجميع
» اهداء الى الجميع
» الاقصى فى قلوب الجميع
» (سؤال وجواب)
» سؤال وجواب