معالجة آلام الظهر المزمنة والحادة بالحركة
منطقة الفقرات القطنية هي أكثر مناطق الظهر عرضة للآلام * أنظمة الجسم المضادة في النخاع الشوكي تعمل على كبح جماح تهيج الخلايا العصبية العالي
بوسطن: «الشرق الأوسط»
يمكن للآلام العصبية الحادة وغيرها ان تتحول الى مزمنة ايضا من دون ان تصدر حركات خاطئة عن الانسان، اذ يطلق كل تهيج مؤلم للاعصاب شحنة كهربائية في نهايات الالياف العصبية وتنتقل هذه الشحنة الى النخاع الشوكي حيث يجري في النهاية نقلها، كمعلومات محفوظة بصورة معادلات كيماوية، الى الجهاز العصبي المركزي بواسطة المواد العصبية الناقلة.
ولأن الخلايا العصبية قادرة على التعلم والتكيف فانها تغير وظائفها ايضا حينما تتعرض الى تحفيز دائم بذات الصورة، ويكون رد فعلها عادة اكبر في هذه الحالة. وكما اثبت ذلك الباحث فالتر زيجلجينسبيرجر من معهد ماكس بلانك للدراسات العصبية في ميونيخ فان شدة الشحنة الكهربائية التي يتم تفريغها نتيجة ذلك في النخاع الشوكي تزداد ايضا وتتسبب في شدة ألم اكبر. وكلما زادت حساسية الخلايا العصبية ازداد استيعاب «الحقل الكهربائي» الاستلامي، اي بعبارة اخرى تزداد مساحة الالم في الظهر. وهكذا يمتد الألم من الظهر، كمثل، ليشمل الفخذ او الساق بأكملها.
وحسب معطيات زيجلجينسبيرجر فان الخلايا العصبية في المنطقة تطلق احيانا ايعازات من دون وجود اي تحفيز فعلي في النهايات العصبية وحافات المنطقة. ويجري ذلك في آلية (ميكانزم) عصبية تشبه ما يسمى «الالم الشبحي» الذي يحسه ويصفه اصحاب الاطراف المبتورة. وعليه يتحول الألم الحاد، ليس في كل الحالات، الى ألم مزمن عند الانسان. وتعمل هنا انظمة الجسم المضادة في النخاع الشوكي على كبح جماح تهيج الخلايا العصبية العالي. وتنشأ الى جانب الحقول المتهيجة مناطق تعمل في حالة تحفيزها على عرقلة قابلية الخلايا على تفريغ شحناتها. وطبيعي فان قابلية الخلية على التهيج تخضع الى فعل العوامل الهرمونية والمناعية.
وقيم هيرمان لوخر، رئيس الاتحاد الدولي لعلاج آلام العظام IGOST عاليا نتائج ابحاث معهد ماكس بلانك وقال انها ذات اهمية عظيمة في علاج حالات ألم الظهر. وذكر لوخر: «ان التصور القائل ان الآلام الناجمة عن جهاز الحركة هي نتيجة للعصب الملتوي وانها حالة يمكن علاجها بواسطة «التجبير» او تقليص الحركة هو تصور مضى عليه الزمن. ويعتقد علماء الفيزياء الطبيعية اليوم ان الحركة في المفاصل وغيرها، اسوة بكل فعل فيزيائي، يقلل الألم لانه يحفز الالياف العصبية التي تدفع الجهاز العصبي المركزي لكبح جماح الخلايا المتهيجة.
ولا يسود هنا منطق بعض الاطباء القائل بضرورة عدم تحريك منطقة الألم لاكثر من ثلاث مرات، بل منطق الفيزياء الطبيعية القائل بوجوب مقاطعة ايعازات الالم بواسطة الايعازات الكابتة للالم الى ان «تنسى الخلايا العصبية وجود هذا التهيج العصبي»;. ولهذا فقد كسر اطباء الالم قاعدة «المرات الثلاث» وصاروا اليوم يعتمدون العلاج الحركي «المسلسل» للآلام المزمنة عند بعض المرضى ويلجأون الى العلاج اليومي لدى مرضى آخرين. وحسب رأي لوخر فإن العلاج عن طريق الوخز بالابر لا يختلف عن هذه القاعدة ايضا.
يهاجم ألم الظهر المصاب بشكل مباغت عادة لكنه قد يتسلل في احيان اخرى تدريجيا الى مناطق العمود الفقري. وتتحول آلام الظهر الى آلام مزمنة اذا ما استمرت اكثر من شهرين، وهو ما يشمل حوالي 10% من المعانين من آلام الظهر. ومن المعتاد ان تختفي الآلام تدريجيا خلال بضعة ايام او عدة اسابيع لكنها تعاود الظهور مجددا في حالة اهمالها. وهنا يحين وقت تدخل الطبيب، اذ ان اهمال آلام الظهر وعدم اتخاذ الاجراءات الطبية الكفيلة بعلاجها سيؤدي الى عودتها على نحو اقوى وخلال فترات متناوبة لا تترك مجالا كبيرا لراحة ظهر الانسان. وعن اكثر اماكن الظهر تعرضا للآلام يتفق الاطباء على ان منطقة الفقرات القطنية هي اكثر مناطق الظهر عرضة للآلام تليها وبشكل اقل مناطق العنق والكتفين. وتكشف ملاحظات الاطباء ان آلام الظهر تهاجم مناطق الظهر عند الفقرات الصدرية بشكل اقل من المناطق المذكورة اعلاه، الا انها تمتد، في العديد من الحالات، لتنعكس بشكل آلام اضافية في الفخذين والذراعين والبطن.
تظهر آلام الظهر العابرة غالبا بشكل توتر في عضلات الظهر وتعبر عن نفسها صراحة خلال حركات معينة. ويمكن للعضلات الدائمة التشنج ان تسلط ضغطا على الاعصاب والعمود الفقري وتؤدي بالتالي الى آلام اشد واكثر تكررا قد تؤدي في حالة تفاقمها الى ظهور اعراض شلل. اما الآلام ذات الخلفية المرضية فانها تكون في العادة نتائج واعراضا لامراض اخرى تصيب العظام والمفاصل والاعصاب او العضلات. مثال ذلك مرض عرق النسا وتنخر العظام والتهاب المفاصل والتهاب النهايات العصبية وتصلب الجهاز العصبي المتعدد وغيرها.
=