عم البؤس والشقاء جميع أفراد الشعب بعد الثورة الروسية فمات الالوف من السكان جوعا والوف كثير أصبحت لاتملك شيئا بعد أن كان لديه كل ماتريده من مقتنيات ولم يفهم الأولد معنى هذا التحول في الحياة من عيش البحبوحه الي عيش الفقر لأن التغيير حدث فجأه. فكم منهم من بكى بكاءمرا لما شعر بالحرمان والفقر.
أعرف عائلة قاست كثيرا من البؤس والحاجه . قتل الاب وماتت الام وبقيت الجدة حولها ثلاث أولاد كان عليها أن تعولهم. كانت هذه العائلة تسكن قبلا بيتا جميلا وكانوا يأكلون مايشتهون من ألوان الطعام .وأما الآن فقد أصبحوا يلتجئون الي كوخ حقير ويعشون على ماتربحه الجدة من شغل يديها في حياكة الصوف، وكثيرا ما كانت في آخر النهار لاتجد من يشتري ماحاكته لتبتاع بالدراهم قوتا لها وللأولاد الثلاثه لأن الطعام كان قليلا جدا.
وفي أحد الأيام أكل الأولاد آخر آخر لقمة عندهم ولم يبق لديهم كسرة واحدة، فحزنت الجدة حزنا عظميا ولكنها حاولت أن تكتم حزنها وقلقها في قلبها اذا لم ترد ان يحزن ألأولاد أيضا فجمعتهم حولها وأخبرتهم حقيقة الموقف مشجعة إياهن ،وأشارت عليهم انه لم يبق لديها أمل ما إلا ان يساعدهم الله والا فإنهم سيموتون جوعا كما يموت الا لوف حولهم.
فصلوا. ويا لها من صلاة صاعدة من القلب على وشك الموت جوعا. ولاأعلم ماقال كل واحد في صلاته ولكن أعلم ماقالته تلابنة (( يا الهنا أرسل إلينا قليلا من الطعام للعشاء. ليس كسرة أوفتاتا من الخبز بل رغيفا كاملا)).
لم تكون عبونهم قد وقعت على رغيف كامل منذ زمن طويل ، فكان طلب هذه الفتاة في صلاتها كطلبنا وليمة من غداء عادي بيسط .
جاء وقت العشاء ولكن لم يأت الطعام الذي طلبوه فأخذ الجوع يدب إليهم وقالت الابنة(( لم تشحذي( أي تسنني) السكين بعد ياجدتي لقطع الرغيف الذي سيأتنا)) وكأنها كانت مومنه ان صلاتها لاشك تستجاب.فأخذت الجدة تسن السكين حسب عادى الروس . مضى قسم امساء ولم يأت الرغيف، فستعدو الأولاد للذهاب الى فراشهم ليناموا على الجوع والبرد ، واذا بهم يسمعون قرعا الباب فتحت الجدة وإذا بها أمام رجل يكسوه الثلج فعرفته انه صديق حميم للعائلة فرحبت أجمل ارحيب. وقال الرجل( قد قطعت نحو عشرين ميلا مشيا على قدمي لآتي إليكم)) فقالت الجدة:(( وما الذي جاءبك الآن))؟ فقال لها: (( شعرت اليوم عند الظهر بما دعاني الى الاعتقاد أنكم بحاجة ماسة وانه يجب ان آتى إليكم)) ثم التفت الى الاولاد وقال لهم ( هل تعلمون ماذا جلبت لكم معي الآن) ؟ قالت الابنة الصغيرة:
أنا أعلم
قولي إذا ماذا جلبت لكم؟
جلبت لنا رغيفا كاملا.
قلت الصواب. وفك أزرار ردائه فإذا تحته رغيف كامل.ثم قال للابنة :) كيف عرفت)) ؟
فقالووا له كيف انهم صلوا أن يرسل اليهم الله طعاما ليس كسرا أوفتاتا بل رغيفا كاملا.
عند ذلك جثا الجميع ركبهم وشكروا الله على عنايته بالذين يؤمنون به
ومع ان الرغيف كان قفارا (( أي ليس معه زبدة أو ادام) فإنه كان عشاء منعسا للأولاد تلك الليلة.