- عظم حق الزوج على زوجته - عدم جواز طاعة الزوج ومعصية الله - حق الزوج على زوجته - أن على الأم أن تعلم ابنتها حق زوجها قبل زفافها إليه وذكر مثال لوصية امرأة من السلف لابنتها
عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: ((لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه)).
إن حق الرجل على المرأة عظيم، بين النبي عظمته بقوله: ((والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد، ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه)).
والمرأة الكيسة الفطنة هي التي تعظّم ما عظّم الله ورسوله، وهي التي تقدر زوجها حق قدره: فتجتهد في طاعته لأن طاعته من موجبات الجنة، قال : ((إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت)).
فتأملي أيتها المسلمة كيف جعل النبي طاعة الزوج من موجبات الجنة كالصلاة والصيام، فالزمي طاعته، واجتنبي معصيته، فإن في معصيته غضب الرب سبحانه وتعالى، قال النبي : ((والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها)).
فالواجب عليك أيتها المسلمة أن تديني لزوجك بالسمع والطاعة في كل ما يأمرك به مما لا يخالف الشرع، واحذري كل الحذر من الإفراط في الطاعة حتى تطيعيه في المعصية، فإنك إن فعلت كنت آثمة.
ومن ذلك مثلا: أن تطيعيه في إزالة شعر وجهك تجملا له، فقد لعن النبي النامصة والمتنمصة.
ومن ذلك: أن تطيعيه في ترك الخمار عند الخروج من البيت لأنه يحب أن يتباهى بجمالك أمام الناس، فقد قال : ((صنفان من أمتي لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
ومن ذلك أن تطيعيه في الوطء في المحيض أو في غير ما أحل الله، فقد قال : ((من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)).
ومن ذلك أن تطيعيه في الظهور على الرجال والاختلاط بهم ومصافحتهم، فقد قال تعالى: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب [الأحزاب:53].
وقال النبي : ((إياكم والدخول على النساء))، قيل: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ (وهو قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه ونحوهم) قال: ((الحمو الموت)).
وقيسي على ذلك كل ما يخالف شرع ربك، فلا تغتري بما يلزمك من الطاعة لزوجك حتى تطيعيه في المعصية، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2- ومن حق الزوج على زوجته أن تصون عرضه، وتحافظ على شرفها، وأن ترعى ماله وولده وسائر شؤون منزله، لقوله تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله [النساء:34].
ولقول النبي : ((والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)).
3- ومن حق الزوج على زوجته أن تتزين له وتتجمل، وأن تبتسم في وجهه دائما ولا تعبس، ولا تبدوا في صورة يكرهها، فقد قال : ((خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك)).
والعجب كل العجب من إهمال المرأة لنفسها في بيتها بحضرة زوجها، وإفراطها في الاهتمام بنفسها وإبداء زينتها عند الخروج من بيتها، حتى صدق فيها قول من قال: قرد في البيت وغزال في الشارع!! فاتق الله يا أمة الله في نفسك وزوجك، فإنه أحق الناس بزينتك وتجملك، وإياك وإبداء الزينة لمن لا يجوز له رؤيتها، فإن هذا من السفور المحرم.
4- ومن حق الزوج على زوجته أن تلزم بيتها فلا تخرج منه – ولو إلى المسجد – إلا بإذنه، لقوله تعالى: وقرن في بيوتكن [النساء:34].
5- ومن حق الزوج على زوجته أن لا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه، لقوله : ((فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون)).
6- ومن حق الزوج على زوجته أن تحفظ ماله، وأن لا تنفق منه إلا بإذنه، لقوله : ((ولا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجه))، قيل: ولا الطعام؟ قال: ((ذلك أفضل أموالنا)).
7- بل من حق الزوج على زوجته أن لا تنفق من مالها إن كان لها إلا بإذن زوجها لقوله : ((ليس للمرأة أن تنتهك شيئا من مالها إلا بإذن زوجها)).
8- ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا وهو شاهد إلا بإذنه، لقوله : ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)).
9- ومن حق الزوج على زوجته أن لا تمن عليه بما أنفقت من مالها في بيتها وعلى عيالها، فإن المن يبطل الأجر والثواب، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى [البقرة:264].
10- ومن حق الزوج على زوجته أن ترضى بالسير، وأن تقنع بالموجود، وأن لا تكلفه من النفقة ما لا يطيق، فقد قال تعالى: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا [الطلاق:7].
11- ومن حق الزوج على زوجته أن تحسن القيام على تربية أولادها منه في صبر فلا تغضب على أولادها أمامه، ولا تدعو عليهم، ولا تسبهم، فإن ذلك قد يؤذيه والرسول يقول: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا)).
12- ومن حق الزوج على زوجته أن تحسن معاملة والديه وأقاربه، فما أحسنت إلى زوجها من أساءت إلى والديه وأقاربه.
13- ومن حق الزوج على زوجته أن لا تمنع منه نفسها متى طلبها، لقوله : ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)). وقال : ((إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور)).
14- ومن حق الزوج على زوجته أن تكتم سره وسر بيته، ولا تفشي من ذلك شيئا، ومن أخطر الأسرار التي تتهاون النساء بإذاعتها أسرار الفراش وما يكون بين الزوجين فيه، وقد نهى النبي عن ذلك. فعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند النبي والرجال والنساء قعود، فقال : ((لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فأرمّ القوم - أي سكتوا - فقلت: أي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون، فقال : ((فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون)).
15- ومن حق الزوج على زوجته أن تحرص عليه وتحافظ على الحياة معه، ولا تسأله الطلاق من غير سبب.
فقد قال : ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)). وقال : ((المختلعات هن المنافقات)).
هذه أيتها المسلمة حقوق زوجك عليك، فعليك أن تجتهدي في القيام بها حق القيام، وأن تغضي الطرف عن تقصير زوجك في حقك، فإنه بذلك تدوم المودة والرحمة، وتصلح البيوت، ويصلح المجتمع بصلاحها.
وعلى الأمهات أن يعلمن أن من الواجب عليهن أن يبصرّن بناتهن بحقوق أزواجهن وأن تذكر كل أم بنتها بهذه الحقوق قبل زفافها، فإن ذلك سنة نساء السلف رضي الله عنهن فقد خطب عمرو بن حجر ملك كندة أم إياس بنت عوف الشيباني، فلما حان زفافها إليه خلت بها أمها أمامة بنت الحارث فأوصتها وصية بينت فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة وما يجب عليها لزوجها، فقالت:
أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، لكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلّفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصحبيه بملكه عليك رقيبا ومليكا فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا. واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا.
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، ومالك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرا، ولا تفشين له سرا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهموما، والكآبة بين يديه إن كان مسرورا.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .