رب ّ إني لك عدت ُ من سَرَابٍ فيه تُهـــتُ
وعلى وجهي شظايا نــدمٍ فيه انتـَهـَـــــيـتُ
وكهوفٌ من خطايا، تحتها نـــارٌ وصــَمتُ
وطيورٌ ذَرَفت سرّي وطارت حيثُ طِرتُ
وتلاشـَت في زوايا خـَلـَدي أنّى ســـــَرَيتُ
فــإذا أبكي، أراها نـَدَمـًـا مــــــمّا بـَكـَيــتُ
وإذا أشــــــكو، أراها كلَّ ما مِنه اشتكـَيتُ
وإذا أهــــــربُ كانت كلّ دربٍ قد سَلـَكتُ
وإذا أَغـــــــــفـُو، أراها كلّ حلمٍ قد رأيتُ
وَإذا أفـــــــزَعُ للأوهامِ، كانت ما وَهـِمتُ
وإذا غنـّيتـُها النـّســــــــيَانَ ، غنـّت ما ذَكـــــًرتُ
ومَحَت ذاتِي، وعَادَت لي بـــــِما كـُنتُ دَفَـــــنـتُ
ربّ جنـّبنـِي صَـــدَاها، فهــــيَ أعدَى من عَرَفتُ
هيَ نفسِــــــــــي، وهيَ شيطانِي الذي منهُ هَربتُ
سَــــــكـَنـَـت فيّ، وفي صحرَائها الكـُبرى سَكًنتُ
وعلى مِصـــباحِــــــها المخنُوقِ في السّفحِ أقمتُ
وكما شــــاءت على الأدغــــالِ والريحِ ارتمَيتُ
وكما يَنطَلقُ الإعصََــــــــارُ في الليلِ انطــــلقتُ
وتســـللتُ الفِجَـــاجَ السّــــودَ فيــــــــه ومَضَيتُ
راهبـــــــــّا ضلـّت مسوحي في هداها وضللتُ
ويحَ عـُمرِي ما الذي كنتُ على الرمـــلِِ كتبتُ؟
قــــــصةً.. ما زالَ حــولِي كلّ ما فيها رَوَيــتُ
الأســى، والإثـــمُ، والعصـيانُ هذا ما حَمــَلتُ..
فـإذا التـّــــــوبةُ ألقت رَحلها عندي ، رَحَـلــتُ
وإذا الأوزارُ حطّت، حــطّ قلبــي وانتـَشَــــيتُ
وإذا رَكــــبُ الخطـايـــا لاحََ للــعين، هـفــوتُ
وكما ينتفـــــــــــضُ الطائرُ للفـــجرِ انتفضـتُ
وتلفّعت بســــــــــرّي في الدّياجِي وانـــسـللتُ
مِثلمَا ينســــــــــــلّ منّي خاطرٌ منــه بَرِمــتُ
******
هذه قصــــــــــــــــــةُ بستانٍ به كنتُ زرعتُ
حاطبًا أجــــــــــمع نارَا .. وأسىً فيما جمعتُ
ليس لي فأسٌ ، ولا غرسٌ، ولكنــّي احتطبتُ
من ربيعٍ، ليــــــسَ لي فيهِِ سوى أنّي وُجدتُ
*******
ورحيـــــــــقٍ، كلّ ما أعلمُ .. أنّي قد شَرِبتُ
وعبيرٍ، كـــلّ ما أدريهِ أنّــــــي قـَــد شَمَمتُ
وثمارٍ كلّ وعيــِي أنّني منها قطَــــــــــــفتُ
وغصــــــــــونٍ ظلُّها يجهلُ عنِّي ما جَهِلتُ
بعثرَت ســـِرّي وعَادت، وهي للإيمَان بيتُ..
جلّ ربـّي كـــــلّ هذا ما الذي كنتُ ارتكبتُ
أذنــــــوبٌ ؟ أم دروبٌ في مهاويها جُرِفتُ؟
أنا كــــذابٌ، ولكـــــــن كلّ ما قلتُ صدقتُ
نقـــلـَت نفسيَ عن نفسي الذي كنت ادّعيتُ
فهو زورٌ، وهو حقٌّ ، وهو سرٌّ فيه حـِرتُ
أنـــــا نفسي ذلــــك الإثمُ الذي منه هربــتُ
أنا نفســــــي ذلك الزورُ الذي منه جَزِعـتُ
كـــــلّ ما أشكوه، منها ذنبـُه، مهـما بـَرِئتُ!
******
عــَذّبتــني بـِخُطاها، وهواها فاستــــــــجرتُ
وإلى قُدسٍ عَـلِـيٍّ، من ضفاف النّـور طــرتُ
بعدما جرّدتُ ذاتي، وعن النـّفس انفـصـــلتُ
وإلى الله بــنـَوحِي، وعذابــَـاتِي ، اتـّجـَـــهتُ
وشــببتُ الجســـمَ نارًا، وهشــيمًا، واشتـعلتُ
ربّ! مِن بقيا رمادي، وحصادي، لــكَ جئتُ
ربّ غفرانك! إنّي في ظــــلامي قد وُئـِـــدتُ