بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بكم تشتري الجنة ؟
استوقفتني كلمة جميلة لأبي هريرة – رضي الله عنه وارضاه -
توضح جانبًا من حياة ذي النورين عثمان بن عفان – رضي الله
عنه -فقد أخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه (متحدثًا
عن عثمان) :
"اشترى عثمان الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين."
وقد نسأل أنفسنا: بأي ثمن اشترى عثمان الجنة؟؟!
إن لشراء الجنة طرقًا ً كثيرة :
* قد تشتري الجنة بركعتين خاشعتين في جوف الليل .
* قد تشتري الجنة بكلمة حق.. تردُّ ظالمًا.. أوتنتصر لمظلوم .
* قد تشتري الجنة بصيام يوم حارٍّ في سبيل الله .
* وقد تشتريها ببسمة ودٍّ صافية في وجه أخيك .
* أو مسحة يَدْ حانية على رأس يتيم .
حقا ً إخوتيّ الكرام .. ما أكثر طرق شراء الجنة!
ولكن.. أيَّ هذه الطرق سلك عثمان؟؟
والجواب.. عند أبي هريرة.. يقول:
" حين حفر بئر رومة ! وحين جهز جيش العسرة ! "
و بئرُرُومَة كانت ليَهُودِيّ بالمدينة ، وكانَ يُقفِلُ علَيها بقِفلٍ
ويَغِيبُ ، فيَأتي المسلمونَ ليَشربُوا منها فلا يجِدُونَه حَاضِرًا
فيَرجِعُون بغير ماءٍ ، فشَكا المسلمونَ ذلكَ للرسول عليه الصلاة
والسلام فقالَ : ((مَنْ يَشتَرِيها ويمنَحُها للمسلمِينَ ويكونُ نصِيبُه
فيها كنصِيبِ أحَدِهم فلَهُ الجنّة)) فاشتراها عثمان وهي بئر
معروفة بالمدينة المنورة " تـُسمى الآن بئر عثمان " اشتراها
عثمان بخمسةٍ وثلاثينَ ألفَ دِرهم وأوقَفَها وللمسلمين يشربون
ويأخذون حاجتهم منها دون مقابل .
وفي جيش العسرة قام عثمان بن عفان رضى الله عنه وذهب
وأوقف قوافل كانت ذاهبة في تجارة له ،وعاد منها بتسعمائة
وخمسين ناقة ، ولم يكتفي بذلك بل وذهب مرة أخرى وأتي
بخمسين فرسا ً، ثم ذهب وأتي بألف دينار ونثرها بين يدي
الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرسول ينظر في هذا ويقول :
" ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ، ما ضر عثمان ما فعل بعد
اليوم " [رواه الترمذي]
وجَيشُ العُسْرَةِ : هوَ جَيشُ غَزوةِ تَبُوك وسُمّي جَيش العُسْرة
لأنها كانت زمَن عُسْرٍ ومَشَقّة.
في كلتا المرتين – وفي غيرهما – سلك عثمان في شرائه للجنة
طريقًا تميَّز به كثيرًا طوال حياته رضي الله عنه.. ذلكم هو
طريق : " الجهاد بالمال "
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم
* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ
وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي
جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} الصف 10: 12
الحديث :
" أتيت المدينة وأنا حاج ، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا ،
إذ أتى آت ، فقال : قد اجتمع الناس في المسجد ، فاطلعت ، فإذا
يعني الناس مجتمعون ، وإذا بين أظهرهم نفر قعود ، فإذا هو
علي بن أبي طالب ، والزبير وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص
رحمة الله عليهم ، فلما قمت عليهم ، قيل : هذا عثمان بن عفان
قد جاء ، قال : فجاء وعليه ملية صفراء ، فقلت لصاحبي : كما
أنت ، حتى أنظر ما جاء به ؟ فقال عثمان : أها هنا علي ؟ أها
هنا الزبير ؟ أها هنا طلحة ؟ أها هنا سعد ؟ ! قالوا : نعم ، قال :
فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : من يبتاع مربد بني فلان ، غفر الله له .
فابتعته ، فأتيت رسول الله فقلت : إني ابتعت مربد بني فلان
قال : فاجعله في مسجدنا ، وأجره لك . قالوا : اللهم نعم ! قال :
فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ! هل تعلمون أن رسول الله قال :
من يبتاع بئر رومة غفر الله له . فأتيت رسول الله فقلت : قد
ابتعت بئر رومة ! قال : فاجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك .
قالوا : نعم ! قال : فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ! هل تعلمون
أن رسول الله قال : من يجهز جيش العسرة غفر الله له .
فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالا ، ولا خطاما ، قالوا : نعم !
قال : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد "
الراوي : الأحنف بن قيس - المحدث : الألباني- المصدر :صحيح
النسائي - الصفحة أو الرقم :3608 - خلاصة حكم المحدث :
صحيح
فأي الطرق ستتميز بها أنت لشراء الجنة ....؟
اللهم اجعلنا وإياكم ممن يبذلون أنفسهم وأموالهم في سبيلك.
وارزقنا بفضلك الفردوس الأعلى من الجنة ،
وصلى الله على سيدنا نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تسليماً كثيرا ً .