ابن النيل المراقب العام
عدد المساهمات : 3519 العمر : 38
| موضوع: لأن تاريخ الحب قد انتهى الخميس 23 سبتمبر - 16:07 | |
|
انها قصة فتاة دمشقية اسمها ميسون ، دارت احداث قصتها خلال الحملات الصليبية التي اجتاحت الشرق الاسلامي على مشارف العام الالف للميلاد حين نزل الفرنجة من اهل اوروبا شواطىء الشام واحتلوا نابلس وعكا ومدنا كثيرة فكانوا كالطوفان يحمل الموت والدمار يجتث الحضارة من اصولها حتى كادت الديار تخلو من شبابها وقد ذهب للجهاد فيمن ذهب اخوة ميسون الاربعة وبقيت من بعدهم وحيدة في دارها لا يؤنسها الا شبابها وجمالها وذكرى اخوتها .
اصبحت ميسون مهمومة يتقاسم فكرها العزيزان « اخوتها ووطنها» فما تدري ما جرى لهما وهي تسمع اخبار هؤلاء الغاصبين المحتلين يركبون جناح الليل الاسود الى شواطىء فلسطين وجعلت تفكر في تلك العصبة الكريمة التي راحت تواجههم وتتصدى لهم وفي الوقت نفسه راحت تفكر كيف تحرك اعصاب ومشاعر اولئك الذين قعدوا عن الدفاع عن الوطن والدين وراحوا ينشغلون بمتاجرهم ومصالحهم وجيوبهم والأُنس والقعود الى جوار نسائهم بينما الخطر يعم البلاد ، وان هذه البلاد بلادهم ، ولكن كيف لفتاة مثلها ان تحرك النخوة في اشباه الرجال هؤلاء وان تقول لهم ان الحياة ليست بطنا يُملأ ولا شهوة تقضى ولا مالا يُنال ، ولكن الحياة هي المجد والتقوى وجلائل الاعمال، وانها بتفكيرها واذا بالباب يطرق واذا هو نعيْ اخوتها الاربعة ، صعقت ميسون لهذا الخبر ، ولكن الايمان والشباب استيقظا في نفسها ونهضا من تحت انقاض الصبر وخلال غبار المصيبة ، احست ميسون ان في عضلاتها القوة التي تهز الامة هزاً وفي حنجرتها الصوت الذي يسمع الاموات وفي قلبها العزم الذي لا يكل والمدد الذي لا ينقطع ، يفلُّ الجيوش ويدك الحصون وكذلك الايمان اذا نزل بقلب امرأة جعل منها بطلا لا يغلب وما اعجب ما يصنع الايمان ، انها الفتاة الناعمة اللطيفة تريد ان تعلم الرجال كيف تكون الرجولة ؟!
لم تعلم ميسون من اين وكيف تكون البداية وجعلت تفكر وهي تمرر يدها على شعرها المنسدل حولها المتموج كالحرير يفتن العباد لو ارادت به الفتنة ويأسر قلوب الفرسان فسطعت لها الفكرة كما يسطع البرق خلال الظلام ، ان هذا هو سلاحها لتشدّن الرجال بهذا الشعر الناعم ثم لتقودنهم من اعناقهم الى المعمعة الحمراء لتجعل من ضعفهم قوةً تأكل القوي .
قامت ونادت جاراتها اللاتي كن يقتدين بها وراحت ومضت تحدثهن عن التضحية ونسيان النفس حتى قالت : اننا لم نُخلق رجالا نحمل السيوف ونقود الجيوش ولكنا اذا جبُن الرجال لم نعجز عن عمل وهذا والله شعري اثمن ما املك انزل عنه اجعله قيدا للفرس تقاتل في سبيل الله لعلي أُحرك هؤلاء الاموات اشباه الرجال .
واخذت ميسون المقص وجزت شعرها وصنع الفتيات مثلها ثم جلسن يضفرنه ( يصنعن منه جدايل) لجما وقيودا لخيل المعركة لا يضفرنه ليوم الزفاف ولا لليلة العرس .
وأرسلن هذه القيود واللجم الى ابن الجوزي خطيب المسجد الاموي بدمشق الذي زلزلته رجولة النساء وحمل الضفائر معه الى الجامع يوم الجمعة فما آن الاوان حتى اسرع بالصعود وجلس واللجم بين يديه والدمع يترقرق في عينيه ووجهه ممتقع شاحب والناس يلحظون ذلك كله ، وينظر بعضهم في وجوه بعض فما انتهى الاذان حتى قام وتكلم في خطبة حروفها من نار تلذع اكباد من يسمعها حُفظت منها جملا نقلت على كل لسان وكان ان صاغ منها الشيخ الطنطاوي رحمه الله خطبة شبيهة قال فيها :
( يا من امرهم دينهم أن يفتحوا العالم ويهدوا البشر الى دينهم فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم وفتنهم عن دينهم !
يا من حكم اجدادهم بالحق اقطار الارض وحكموا هم بالباطل في ديارهم واوطانهم .
يا من باع اجدادهم نفوسهم الى الله بأن لهم الجنة وباعوا هم الجنة باطماع نفوس صغيرة ولذائذ حياة ذليلة !
يا ايها الناس :ما لكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم وحسبتم ان العزة للمشرك وقد جعل العزة لله ولرسوله وللمؤمنين؟
يا ويحكم اما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطر على ارضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم يذلكم ويتعبدكم وأنتم كنتم سادة الدنيا ؟
اما يهز قلوبكم وينمي حماستكم ان اخوانا لكم قد احاط بهم العدو وسامهم الوان الخسف ؟
ايها الناس : أفتأكلون وتشربون وتنعمون واخوانكم هناك يتسربلون باللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر ؟
اما انها قد دارت رحى الحرب وتفتحت ابواب السماء فان لم تكونوا من فرسان الحرب فافتحوا الطريق للنساء يدرن رحاها واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل ! يا نساء بعمائم ولحى !
أولا.... فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها ...
يا ناس أتدرون مم صنعت هذه اللجم وهذه القيود !
لقد صنعتها النساء من شعورهن لانهن لا يملكن شيئاً غيرها .
هذه والله ضفائر ذوات الخدور التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا قطعنها لان تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة ، الحرب في سبيل الله وفي سبيل الارض والعرض فاذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها فخذوها واجعلوها ذوائب لكم وضفائر انها من شعور النساء الم يبق في نفوسكم شعور !
والقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ :
«تصدعي يا قبة النسر وميدي يا عمد المسجد وانقضي يا رجوم لقد اضاع الرجال رجولتهم ... »فصاح الناس صيحة ما سمعوا مثلها ووثبوا يطلبون الموت وهبت دمشق وبلاد الشام برجالها ، وتوالت الاصداء على الملك المعظم صلاح الدين الايوبي رحمه الله في نابلس ، وكانت هجمة الاسود على الاعداء الطامعين المحتلين فطردوهم حتى لجأوا الى عكا فحاصروهم فيها حتى اشرفوا على الهلاك واستسلموا ، ثم كان عاقبة امرهم بعد ذلك ان تجرعوا مرّ العلقم في حطين الخالدة لما علموا فيها وعلمت الدنيا:
""ان اتباع محمد صلى الله عليه وسلم لا يذلون ولا يُستعبدون ما بقي فيهم رجل واحد او امرأة واحدة طوت صدرها على ايمان صحيح ، انهم قد ينامون ولكنهم لا يموتون ، انهم يضعفون ولكنهم لا يستسلمون واما الغاصبون الظالمون المحتلون لأرضهم فانهم قد يقيمون حينا ولكنهم لا يستقرون ولا يملكون .""
بقلم الشيخ كمال الخطيب ______________
(ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما ) رحم الله قارئاً دعا لنفسه ولي ولكل المسلمين في مشارق الارض ومغاربهابالمغفرة (والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون)
| |
|
الموعد الضائع عضو مجتهد
عدد المساهمات : 238 العمر : 41 الموقع : باريس الدور التالت
| موضوع: رد: لأن تاريخ الحب قد انتهى الثلاثاء 5 أكتوبر - 13:57 | |
| قصة مؤترة جدا
سلمت يداك يا اخي ابن النيل
دائما متميز في مواضيعك
تقبل مروري | |
|