بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
واجبات المسلم في أيام عيد الفطر المبارك
نعيش يوما عظيما مباركا من أيام الله التي امتن بها علينا
وجعلهالنا عيداً لأولنا وآخرنا، إنه يوم عيد الفطر المبارك السعيد.
وعيد الفطر هو أحد عيدين جعلهما الله لنا منة منه وفضلاً، فهي أيام فرح وسرور وعبادة وبر وإحسان، أيام يسن فيها سنن لا تسن في غيرها وتتأكد فيها أوامر لا تتأكد في غيرها.
ولذلك فلا ينبغي أن تمر عليها كما تمر غيرها من الأيام، وإنما ينبغي أن نقف عندها وقفة صادقة متأملة، لنستلهم الحكم التي شرعت من أجلها، ولنستفيد منها الاستفادة القصوى، علنا نخرج بفائدة تكون سبباً لسعادتنا في دنيانا وأخرانا.
فمما يشرع في أيام العيد ما يلي:
1- إظهار السرور والفرح: ويتجلى هذا الأمر في التجمل باللباس والمظهر، فينبغي على المسلم أن يلبس في هذا اليوم الجديد من اللباس ولا بأس في اختيار الأفضل ولو بغلاء من غير إسراف، كما إنه ينبغي التجمل بأنواع الزينة الأخرى المباحة كالعطر ولبس ما يعتبر نوعاً من التجمل ما دام مباحاً كلبس الخناجر فكل ذلك من دلائل الفرح والسرور.
2- الصلاة: فيسن في هذين اليومين الخروج للصلاة في مكان واسع ليصلي كل أهل البلدة في مكان واحد، فلا ينبغي تعدد الجماعات في صلاة العيد، وذلك لأن أيام العيد علامة على توحد المسلمين وتصافيهم وتوادهم واجتماعهم، وفي صلاة العيد يسن للجميع أن يشهدوا الصلاة ولو كانوا من أصحاب الأعذار فقد روى البخاري عن أم عطية قالت: "كنا نُؤْمَرُ أن نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخْرِجَ الْبِكرَ مِن خِدرِها، حتى نُخرجَ الْحيَّضَ فيَكنَّ خلفَ الناسِ فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم ويَدْعونَ بدُعائهم، يَرجونَ بَرَكةَ ذلكَ الْيَومِ وَطُهرَتَهُ».
3- ذكر الله عز وجل: فمع أن هذه الأيام هي أيام فرح وسرور إلا أن هذا السرور يكتمل بذكر الله تعالى وشكره على منه وفضله، ولذلك يشرع التكبير عند الخروج إلى المصلى للصلاة.
4- التوسعة على الأهل والعيال في النفقة: فيسن للمسلم أن يوسع على أهله وعياله في النفقة في هذا اليوم زيادة عما كان تعوده من غير مبالغة وإسراف، وذلك حتى لا يكون المال سبباً في التقليل من الفرح في هذا اليوم، فيوسع عليهم في المأكل والملبس وغيرها من الأمور التي يجلب السرور والفرح، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث كيما تسعكم، فقد جاء الله تعالى بالخير فكلوا، وادخروا، واتجروا، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى"، والأضحية وإن لم تكن مشروعة في عيد الفطر بشروطها وأوصافها إلا إن التوسعة في المأكل مطلوبة.
5- العطف على الفقراء: إن بنيان المجتمع المسلم واحد، ففي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".
وهذا المعنى في التواد والترحم يجب أن يظهر جلياً في أيام العيد إذ لا يتصور أن يكون المسلم سعيداً يعيش فرحة العيد وهناك من جيرانه وأقاربه من يتضورون جوعاً أو يعيشون مرارة الحرمان، ومن أجل ذلك شرعت زكاة الفطر في عيد الفطر والأضحية في عيد الأضحى، وذلك حتى يشترك الجميع في الفرح والسرور، بل إنه على المسلم أن يبذل أكثر من ذلك لينال الأجر بإحسانه وعطفه على الفقراء والمحتاجين.
6- التزاور بين الأقارب: وذلك حتى تتآلف القلوب وتتصافى النفوس وتتوطد العلاقات وتزول أسباب الشحناء فلا يحمل أحد غلاً على أحد، بل يشترك الجميع في فرحة العيد.
7- التصالح بين المتخاصمين: فإذا كان لا يجوز التخاصم بين المسلمين فوق ثلاث ليال لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "«لا يحلُّ لرجلٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاث ليال، يَلتقيانِ فيُعرِض هذا ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يَبدأُ بالسلام» فإن التصالح بين المسلمين يتأكد أكثر فأكثر في أيام العيد، فيجب على المسلم أن يصلح ما بينه وبين إخوانه المسلمين من عداوة وبغضاء، فيصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن أساء إليه، ويطلب الصفح من أي إنسان عامله بما لا يجوز.
فأيام العيد ليس فيها مكان للشحناء والبغضاء بل هي أيام ود وحب وعفو وصفح، ولكن للأسف غفل كثير من الناس عن هذه المعاني، فتراهم تمر عليهم هذه الفرصة العظيمة للتصالح ولكنهم يلجون في عنادهم ويستمرون في غيهم ولا يعيرون لهذه الأيام أية قدسية.
وفي المقابل فإن المسلم يؤمر بالسعي في الصلح بين المتخاصمين ففي ذلك أجر عظيم وثواب جزيل.
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك.