**** شاطئ الحياة ****

**** شاطئ الحياة ****
...........................

بامتداد صغير على شاطىء النهر توجد مساحة بسيطة من الحشائش والازهار ذات الالوان والرائحة ..

وكنت انا احب المرور من هذا المكان حيث يطيب لى البقاء قليلا قبل رجوعى الى البيت فى آخر النهار

وخاصة فى ايام الصيف.. كنت اتنفس ملء صدرى فى انتشاء وسعادة متأملا جمال المياه واللوحة الرائعة

البديعة التى رسمتها يد البارىء جل وعلا.. كنت ارى على امتداد المساحة الزرقاء الهادئة كل افكارى

الجميلة وتفاؤلى بالحياة وذكرياتى الرائعة السعيدة .. لا اصف لكم مدى روعة الاحساس الذى كنت اشعر

به كل يوم..

.........................

فى هذا المساء - ذهبت الى هناك بعد انقطاع عن المكان دام لسنوات قليلة : ومع اقتراب خطواتى اشتد

خفقان قلبى وسابقتنى دموعى الى هناك . لم تكن دموع شوق للمكان بل كانت دموع حزن عميق وخوف

وانقباض من كل شىء به - دخلت وانهمكت فى بكاء مرير وجلست على حجر وسط خضرة متناثرة

ولم التفت الى الطين الذى لصق بقدمى وامسكت رأسى الذى كاد ينفجر وانا انظر هناك عند بقعة محددة -

لم يجذب ناظرى الآن جمال الافق او زرقة الماء ولكن اختفى كل الجمال بل تجمعت كل المعالم فى قتامة

وسواد وتركزت فى بقعة واحدة هناك وسط المياه حيث : مات ابنى اسامة غريقا فى نفس المكان .......

تبدل حال اللقاء وصرت اروى نبتة الخضرة الصغيرة بقطرات الدمع واطرق اليها اذكرها عندما كنت انثر

عليها رزاز الماء وهى تداعبنى بميول واعتدال .. الآن تمتص الدموع وهى جامدة حزينة لا تتحرك ...


............................

لم استطع البقاء طويلا

وانصرفت فى خطى ثقيلة كأنى اجر خلفى كل احجار الشاطىء

وعرفت انى لن استطيع العودة الى هذا المكان ... لم يعد يعطينى الحياة والامل والتفاؤل .

بل صار يذكرنى بخلع قلبى من صدرى .. بنزع كبدى من جوفى... صار يذكرنى بفراق احب الناس

لم يعد شاطىء الحياة

بل شاطىء الموت